المعنى العام والشرح:
_يأمر الله - عز وجل - نبيه الكريم محمدا ومن ورائه أمته أن يدعو إلى دين الله، دين الإسلام، الذي أنزله الله على نبيه.
_وبين الله لنا طريق الدعوة الذي نسلكه حتى تؤتي الدعوة ثمارها، وهو طريق الحكمة والموعظة الحسنة، الطريق أو الأسلوب الذي يناسب المدعوين، فيجذبهم ولا ينفرهم، حتى إذا أصغوا السمع ووعت القلوب، انقلبوا عندئذ بنعمة من الله وفضل.
_وربما يحتاج الأمر إلى جدال ومحاورة، والجدال والمحاورة لا بد منهما للإقناع:
فكلما كان الجدال والمحاورة بهدوء وتعقل وروية واحترام للآخر، كانت الفائدة أعم والنتائج أكمل وأفضل ((وجادلهم بالتي هي أحسن)) للنصراني واليهودي والوثني ولكل ملة من الملل،
_ إذا كان الخطاب يحمل في روحه نسمات الرقة والرحمة وإرادة الخير والهداية لذلك المخاطب من غير قصد استعلاء عليه أو استهتار أو استهانة بأحاسيسه ومشاعره، فإن الله - عز وجل - يضع القبول والهداية لذلك المخاطب ((إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)). فالله - عز وجل - هو عليم خبير بعباده يعلم من يضل ويعاند ويعلم من يسلك سبيل الحق والهدى.
_وربما يحصل للداعية في سبيل الله بعض الأذى ممن لا ينصاعون للحق وقد نذروا أنفسهم للوقوف في صف أعوان الشيطان، وعندئذ يحق للداعية المعتدى عليه أن ينتصر لنفسه بمثل ما اعتُدي عليه، ولكن الله جعل فضيلة الصبر وأجر الصابرين خيرا من العقوبة والانتصار. بل أمر رسوله الأسوة الحسنة والأمة من ورائه بالصبر ((واصبر وما صبرك إلا بالله)) لأن الصبر هو العدة الدائمة التي يلح عليها القرآن لإيصال المسلم إلى مبتغاه وهو تحقيق العدالة والتكريم لبني البشر في انتهاج شرع الله المبين الذي أنزله
على رسوله الأمين.
_والصبر على مثل هذا العمل لا يعني إلا الاستمرار في بذل الجهود لإجراء التغيير اللازم، مع تحمل للمصاعب الناتجة بنفس راضية دؤوب دون حزن أو ضيق، خصوصا مما يوقعه الأعداء في صفوف المسلمين ويخططونه من مؤامرات ماكرة.
_إن مقاومة ذلك لا تكون بالحزن أو الغضب أو توتر الأعصاب، وإنما تكون بالنظر والتعقل وبإعطاء الحل المناسب الصادر عن الدراسة وعمق التحليل والتخطيط.
_وعندما تكتمل شروط الأهلية ليستأهل الدعاة لمعية الله - عز وجل - من الصبر ومتمماته من مكارم الأخلاق مجللة كلها بالتقوى،
_حينئذ يأتي مدد الله ومعيته لعباده المحسنين ويوفيهم أجر الدنيا وحسن ثواب الآخرة.
وصلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه...
محمد إسماعيل السيد أحمد